
قالت الرئاسة الفلسطينية أمس الخميس إن استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية وعلى المقدسات في (القدس) واستخدام الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن بمنزلة «حلقة واحدة لن تحقق الأمن والاستقرار لأحد».
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة القول إن «السبيل الوحيد لينعم الجميع بالأمن والاستقرار هو وقف المجازر اليومية التي يذهب ضحيتها العشرات من المواطنين الأبرياء وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة لوقف المجاعة التي يشاهدها العالم أجمع في غزة وأن يحصل شعبنا الفلسطيني على حقوقه كاملة في الحرية والاستقلال وفق ما أقرته الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.» وشدد أبو ردينة على أن المطلوب الآن هو إجبار الاحتلال الإسرائيلي على إيقاف حربه الإجرامية واعتداءاته في الضفة الغربية بما فيها القدس والضغط عليه للامتثال لقرارات الشرعية الدولية ورغبة المجتمع الدولي بأكمله في إيقاف حرب الإبادة «عوضا عن استخدام الفيتو الذي تحدى جميع أعضاء مجلس الأمن الذين يمثلون العالم بأسره».
وبين أن «استخدم الفيتو في مجلس الأمن الدولي سوف يشجع الاحتلال على الاستمرار بعدوانه وجرائمه التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا».
وكانت الولايات المتحدة استخدمت أمس الأول حق (الفيتو) ضد مشروع قرار لإيقاف إطلاق النار في غزة وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية من دون قيود إلى القطاع المحاصر.
جاء ذلك في اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية حيث صوت لصالح المشروع - المقدم من الدول العشر غير الدائمة العضوية بالمجلس - 14 عضوا مقابل اعتراض الولايات المتحدة.
وطالب مشروع القرار المجلس بالإفراج فورا ومن دون شروط وبشكل كريم عن جميع الأسرى المحتجزين من حماس وغيرها من الجماعات الأخرى.
كما يطالب بالرفع الفوري ومن دون شروط لجميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها بصورة آمنة بلا عوائق على نطاق واسع بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني عبر أنحاء قطاع غزة.
ويناشد مشروع القرار باستعادة جميع الخدمات الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني ومبادئ العمل الإنساني المتمثلة في «الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال» ومع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ويعرب نص مسودة القرار عن القلق البالغ بشأن الوضع الإنساني الكارثي بما في ذلك خطر المجاعة كما ورد في تقرير التنصيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.
كما أعرب مشروع القرار عن التقدير لجهود مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية المتعلقة بتنفيذ الأطراف لوقف إطلاق النار.
يذكر أن الدول العشر المنتخبة في مجلس الأمن - التي تنتخب لعضوية المجلس لمدة عامين - هي الجزائر وباكستان وبنما وجمهورية كوريا الجنوبية والدنمارك وسلوفينيا وسيراليون والصومال وغيانا واليونان.
أما الدول الخمس دائمة العضوية بالمجلس التي تتمتع بحق النقض (فيتو) هي الصين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا.
وانتقد السفير الباكستاني عاصم افتخار أحمد بشدة الفيتو الأمريكي، معتبراً إياه «ضوءاً أخضر لإبادة» الفلسطينيين في غزة، و»وصمة عار أخلاقية في ضمير» مجلس الأمن الدولي.
بدوره، قال نظيره الجزائري، عمار بن جامع، إن «الصمت لا يدافع عن الموتى، ولا يمسك بأيدي المحتضرين، ولا يواجه تداعيات الظلم».
أما السفير السلوفيني صموئيل زبوغار، قال إنه «في الوقت الذي تُختبر فيه الإنسانية على الهواء مباشرة في غزة، فإن مشروع القرار هذا وُلد من رحم شعورنا المشترك بالمسؤولية. مسؤولية تجاه المدنيين في غزة» وتجاه الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع الفلسطيني، و»مسؤولية أمام التاريخ»، مضيفاً «كفى، كفى»!.
من جهتهما أعرب سفيرا فرنسا وبريطانيا عن «أسفهما» لنتيجة التصويت، في حين ألقى السفير الصيني فو كونغ باللوم مباشرة على الولايات المتحدة، داعياً إياها إلى «التخلّي عن الحسابات السياسية، وتبنّي موقف عادل ومسؤول».
وهذا أول فيتو تستخدمه واشنطن في مجلس الأمن الدولي منذ عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي.
وقبيل التصويت على النصّ، قالت المندوبة الأمريكية دوروثي شيا إن «من شأن هذا القرار أن يقوّض الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصّل إلى وقف إطلاق نار يعكس الواقع على الأرض، ويشجّع حماس. كذلك فإن هذا القرار يرسي مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس».
وأضافت «النصّ غير مقبول بسبب ما ينص عليه، وغير مقبول كذلك بسبب ما لا ينصّ عليه»، مشددة على حقّ إسرائيل في «الدفاع عن نفسها».
وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، الثلاثاء: «لا يمكنكم أن تشهدوا الغضب في مجلس الأمن.. وتقبلوا أن تكونوا عاجزين، عليكم أن تتحركوا»، مشيراً إلى الخطاب الذي ألقاه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر ودعا فيه إلى «منع الإبادة» في غزة.
وحذّر من أنه في حال استخدام الفيتو، سيكون الضغط «على من يمنعون مجلس الأمن من تحمل مسؤولياته»، مضيفاً «سيحاسبنا التاريخ جميعاً على ما فعلناه لوقف هذه الجريمة ضد الشعب الفلسطيني».
في المقابل، وصف السفير الإسرائيلي داني دانون مشروع القرار بأنه بمثابة «هدية لحماس»، وشكر الولايات المتحدة على «وقوفها إلى جانب الحق»، حسب قوله.
وأدانت حركة حماس الفلسطينية بأشد العبارات استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، الأربعاء، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.
وقالت الحركة في بيان على منصة تلغرام إن «الفيتو الأمريكي يجسد انحياز الإدارة الأمريكية الأعمى لحكومة الاحتلال الفاشية، ويدعم جرائمها ضد الإنسانية التي ترتكبها في قطاع غزة».
وأكدت أن «فشل مجلس الأمن الدولي في إيقاف حرب الإبادة المستمرة منذ 20 شهراً، وعجزه عن كسر الحصار وإدخال المواد الغذائية إلى المدنيين المجوعين في القطاع، يثير تساؤلات جوهرية حول دور مؤسسات المجتمع الدولي، وجدوى القوانين والمواثيق الدولية التي يواصل الاحتلال انتهاكها يوماً بعد يوم دون أي مساءلة أو تحرك فعلي».
ودعت حماس المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتدارك هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي، والضغط من أجل وقف فوري لحرب الإبادة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق شعبنا الفلسطيني.