الأولى

«وكالات»: تواصلت أمس حرب الإبادة على قطاع غزة، وارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي المجازر بحقّ منتظري المساعدات في القطاع المحاصر، مع بلوغ الجوع وسوء التغذية مستويات كارثية، وسط تحذيرات دولية وأممية من مخاطر وجود عشرات الآلاف من النساء والأطفال الذين يحتاجون إلى علاج عاجل، نتيجة الإغلاق الإسرائيلي المشدّد للمعابر منذ مطلع مارس الماضي.

في هذا الإطار، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة إذا لم تلتزم إسرائيل بتعهداتها بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وكتبت في منشور على منصة إكس أمس: «قتل المدنيين وهم يسعون للحصول على المساعدات في غزة أمر لا يمكن الدفاع عنه»، مضيفة أنها تحدثت مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر «للتذكير بتفاهمنا بشأن تدفق المساعدات وأوضحت أن على الجيش الإسرائيلي التوقف عن قتل الناس في نقاط التوزيع».

أضافت كالاس في منشورها: «تبقى جميع الخيارات مطروحة على الطاولة إذا لم تلتزم إسرائيل بتعهّداتها». وكانت كالاس قد قالت، في وقت سابق من هذا الشهر، إن إسرائيل وافقت على توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك زيادة عدد شاحنات المساعدات ونقاط العبور والطرق المؤدية إلى مراكز التوزيع، وأضافت أن «هذه الإجراءات تنفذ أو ستنفذ في الأيام المقبلة، مع التفاهم المشترك على ضرورة إيصال المساعدات على نطاق واسع مباشرة إلى السكان، ومواصلة اتخاذ التدابير لضمان عدم تحويل المساعدات إلى حماس».

ودعت نحو 24 دولة غربية، أمس الأول الاثنين، إسرائيل إلى إنهاء حربها على غزة فوراً، وانتقدت ما وصفته بـ»القتل غير الإنساني» للفلسطينيين، وأكدت الدول أن نموذج تقديم المساعدات الذي تتبعه الحكومة الإسرائيلية خطير ويغذي عدم الاستقرار ويحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية.

في غضون ذلك، قالت مصادر في مستشفيات غزة إن 81 فلسطينيا استُشهدوا، بينهم 31 من منتظري المساعدات، بنيران جيش الاحتلال منذ فجر أمس الثلاثاء ،فيما  أعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل 15 وفاة بينهم 4 أطفال بسبب المجاعة خلال الـ24 ساعة الماضية، وهو ما يرفع العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية إلى 101 وفاة، بينهم 80 طفلا.

وأوردت وكالة الأنباء الفلسطينية نقلاً عن مصادر طبية في القطاع، أن إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا إلى المستشفيات ارتفع إلى ألف و21 شهيداً وأكثر من ستة آلاف و511 مصاباً.

وتواصل إسرائيل القتل الجماعي للباحثين عن الطعام والنازحين، وسط شهادات مروعة من القطاع عن الجوع الذي يفتك بالأهالي، إذ ذكرت طبيبة أجنبية من داخل مستشفى ناصر أنها لم تر من قبل مثل سوء الوضع الغذائي هناك، مؤكدة أن موظفي المستشفى لا يجدون ما يأكلونه لمدة طويلة.

وفي الجانب العسكري، بدأت قوات الاحتلال عملية عسكرية في دير البلح وسط قطاع غزة في وقت أوقعت المقاومة الفلسطينية خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وسياسيا، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «الصامتين» إزاء ما يجري في غزة، متهما إياهم بأنهم «شركاء إسرائيل في جرائمها».

في الأثناء، أعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن مسكن موظفي المنظمة في دير البلح، وسط قطاع غزة، تعرض للهجوم ثلاث مرات أمس الاثنين، بالإضافة إلى مستودعها الرئيسي. وأضاف في بيان أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دخلت مسكن موظفي المنظمة وأجبرت النساء والأطفال على الإخلاء سيراً على الأقدام، ولفت إلى أن جيش الاحتلال اعتقل اثنين من موظفي المنظمة في دير البلح واثنين آخرين من أفراد أسرهم، وأفرج لاحقاً عن ثلاثة منهم، بينما ما زال أحد الموظفين قيد الاحتجاز.

وتوغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الاثنين، في المناطق الشرق لمدينة دير البلح بشكل محدود، وذلك للمرة الأولى منذ بدء العدوان البري في نهاية أكتوبر 2023. وشنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية والأحزمة النارية العنيفة على المنطقة، طاولت عدداً من المساجد والمنازل، ما تسبب في سقوط شهداء وجرحى. وأفاد شهود عيان لـ»العربي الجديد»، بأن عدداً كبيراً من العائلات اضطرت للنزوح في ساعات الفجر الأولى لشدة القصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي لمنطقة «أبو هولي» وشرق البركة وغربها في دير البلح والمناطق القريبة من منطقة «المطاحن». وبحسب شهود العيان، فإن عدداً من العائلات ما زالت محاصرة في تلك المناطق نتيجة لشدة القصف الإسرائيلي وعمليات السيطرة بالقوة النارية التي يستخدمها الاحتلال لمنع تحرك الفلسطينيين.

من جهتها، أكدت حركة حماس في تصريح صحافي أنها تبذل كل جهودها وطاقاتها على مدار الساعة لإنهاء المعاناة المتفاقمة في قطاع غزة، وهو ما يشكّل أولوية قصوى لقيادة الحركة في تحرّكها المتواصل مع الوسطاء، والدول، وجميع الجهات المعنية، من أجل وقف المجاعة ووقف هذه الحرب الإجرامية، وقالت: «إذ ندرك حجم الابتزاز الذي يمارسه الاحتلال من خلال ارتكاب المجازر بحق أبناء شعبنا، في محاولة يائسة لانتزاع مواقف لم يتمكّن من فرضها على طاولة المفاوضات، فإننا نؤكد أننا ماضون بمسؤولية وعقلانية، وبأقصى سرعة ممكنة، في استكمال مشاوراتنا واتصالاتنا مع القوى والفصائل الفلسطينية، من أجل الوصول إلى اتفاق مشرّف يفضي إلى وقف العدوان، وإنهاء الإبادة الجماعية، وتحقيق أهداف شعبنا في الإعمار، ورفع الحصار، وضمان حياة كريمة لأهلنا في قطاع غزة».